الأحد، 10 أغسطس 2014

قصة كيان (٣): عن العمل الجماعي كقيمة جوهرية ....

هذه سلسلة من وحي الخيال ... أشخاص و أماكن و تواريخ و بلاد كلها مستوحاة من الأحلام ... و لكني أهدف من خلالها أن أدرس الأسباب التي تجعل الحلم حقيقة

لقراءة الأجزاء السابقة:

الجزء الثالث: عن العمل الجماعي كقيمة جوهرية

ثم صعدت شذى و سالي ليتحدثا في وسط هذا الجمع الرائع عن تلك القيمة التي كانت غائبة ... ما هي يا ترى تلك القيمة؟

شذى الآن تستعد للحديث ...

"السلام عليكم ضيوفنا و مساهمينا الكرام ... سأتحدث لكم عن قيمة جوهرية اتفقنا أن نبدأ بها .. إنها العمل الجماعي نحو هدف محدد و بإنكار تام للذات .. و مع العمل الجماعي تأتي باقة من ورود الصفات تهدف إلى أن تكون منظومتنا و مؤسستنا قدوة لمن يهتم بالعلم و التعلم حول العالم.

العمل الجماعي يا سادة يقتضي الاحترام المتبادل لأعضاء الفريق كبيرا و صغيرا, خبيرا و مبتدءا و كل ما تقتضيه تعددية الأفراد المشاركين في الصرح الذي وددنا بناءه و غرسناه سويا.

نعم كانت تحدث مشاكل و صعاب - فالعمل الجماعي ليست بالمهارة و العادة الهينة - و لكن إنكار الذات و الإصرار على واجهة المجموع قبل الفرد كانا كفيلين بهدم أي مشاحنات و خلافات قد تحدث بين الحين و الأخرى.

كما أن حزمنا مع أنفسنا في أن تكون فائدة المجتمع دافعا لنا كفريق كانت تسهل علينا تبادل القيادة في كثير من المواقف دونما حساسيات. هذه الأمر في غاية النبل في حد ذاته ... فما أن تحدث ظروف لأحدنا كان من تلقاء نفسه يبحث عن الأكفأ و يوليه قيادة الفريق .. و ما أن تتناسب الظروف يرجع ذلك القائد السابق عضوا في الفريق و يترك من أولاه مكانه طالما أثبت كفاءة

تعلمنا في ذلك الكيان أن الفرد لابد أن يكون عضوا جيدا و جنديا مميزا قبل أن يتحمل مسؤولية قيادة الفريق. و تعلمنا أن نتحمل أحيانا ما نظنه قسوة من بعض القادة. ذلك لأنني كما ذكرت كان همنا أن ننفع المجتمع و العالم بكفاءة عالية ... و كانت النتائج دائما تسرنا .. و هذا أكبر دافع يجعلنا ننسى كل تعب و إرهاق.

و لم يقتصر العمل الجماعي على فريق بعينه .. فقد كنا نساعد بعضنا طالما سمحت الظروف في أي عجز بالفرق الأخرى .. و هذه كانت متعة خاصة بالنسبة لي في عمل علاقات ساعدتني فيما بعد في مستقبلي بشكل ما كنت أتخيله .. أحبكم يا من صنعتم نماء .. "


هنا بدأت شذى تتأثر ثم التقطت نفسا عميقا "و الآن أترك المجال لسالي لتتحدث عن تحديات أخرى بخصوص العمل الجماعي"

و شرعت سالي في الحديث:
"أهلا و مرحبا بكم ... لم أصدق نفسي حينما عرفت أني سألتقي بكل إخوتي و أحبتي الذين بدأت معهم منذ عملت معهم في أول عامين من عمر كيان .. سعيدة للغاية بهذا اللقاء الذي لا يوصف

العمل الجماعي تحد كبير كما ذكرت شذى .. و كان يزيده صعوبة و تحديا هو أننا بدأنا التعامل عبر الإنترنت و كانت وسائل اتصالنا و لقاءاتنا كلها عبر الإنترنت .. و لم يكن هذا تحديا فقط بسبب أنه كان جديدا على معظمنا .. و لكننا كنا نريد مع ذلك أن نكون قدوة لمؤسسات علمية كبيرة و نتفوق في أداءنا بإحسان و إتقان شديدين.

الصعوبة الأخرى أمام العمل الجماعي كانت في تذبذب الإنترنت و الكهرباء في بلدنا و التي كنا فيها مجموعة لا بأس بها من المتطوعين .. لكن حماسنا للرؤية و الهدف كان كفيلا بهدم الصعوبات .. و كان يشحننا إيماننا الشديد و توكلنا على الله و أخذنا بالأسباب

طبعا لم يكن الوضع مثاليا كما يعتقد بعض من رأى الناتج النهائي لعملنا .. كانت هناك الكثير من المحاولات الفاشلة في عملنا و بعض الدروس الأليمة و الإحباطات المتكررة .. لكن كان هناك إصرار عام بأن نتعلم منها و أن نحمد الله أنها جاءت في تلك الأوقات بالذات ربما لنتفادى ما هو أكبر .. 

أكسبنا العمل الجماعي المرونة و خاصة في تعديل الاستراتيجيات إذا لزم الأمر .. و لم يكن أحدنا يبكي على مجهود بذله و توقف بسبب أي تعديل طالما كان ذلك في مصلحة كيان و رقيها و خدمة أفضل لمجتمعنا الفاضل ..

فإذا أردت أن ألخص لكم الصفات الفردية التي تمكننا من العمل الجماعي فهي: إنكار الذات و المرونة و التروي و التماس العذر و تقبل التعددية في شخصيات الآخرين و أساليب عملهم و انتقاد القائد إذا حاد عن الطريق مع انتهاج الأساليب الراقية و الأخلاقية في نقد الآخرين و التفكير دوما بأني قد أكون أول من قصر دونما دراية و أني آخر سبب لنجاح المهمة مع كوني جزء من النجاح

فالفرد في النهاية هو من من يصنع بيئة العمل الجماعي .. تبدأ من القائد و الفريق معا .. و كلاهما أفراد

الحديث يطول عن العمل الجماعي نظريا و عمليا ... لكن لا يجب أن نعزلها عن القيم الجوهرية الأخرى ... فلنفسح المجال لمتحدث آخر"

التقط هنا د. طارق المايكروفون و كان وراءه مباشرة رجل ذو قامة طويلة و ابتسامة رائعة ... 

و هنا باغتني د. عماد من ورائي قائلا: طبعا يا فاضل أنت تعلم من الذي وراء د. طارق ...

ابتلعت ريقي و قلت له: لقد رأيته منذ أسبوع على قناتنا لكني انشغلت حينها بالتحضير لهذا اللقاء ..من هو يا ترى؟

هنا قاطعنا صوت د. طارق: "سيحدثنا الآن د. عمر عن ثاني قيمنا الجوهرية ... و هنا أود تهنئته مجددا لحصوله على جائزة نماء لعلوم البصريات و التي صارت منافسا كبيرا لجائزة نوبل .. د. عمر مع سنه الصغير كان أول بادرة من برنامج رواد و التي بدأت تقدمه مؤسستنا منذ خمسة أعوام ... و الآن أترك دكتور عمر .. تفضل"


أظن أني عرفت القيمة التي سيتحدث عنها د. عمر ... لكني لن أفصح عنها سوى في الجزء الرابع من قصة كيان .. تابعوني

في أمان الله :)


هناك تعليقان (2):

  1. د.خالد..
    أغلب الوقت لما بحسّ اني مقصّرة -خصوصاً لو مع المؤسسة- ويطول الأمر، بدخل أقرأ في مدوّنة حضرتك قليلاً
    مش عارفة أوصف لحضرتك شعور الواحد لما بيقرأ كلام.. الكبار
    لكن عموماً، بتمنّى دايماً ان ربنا يحفظك يا دكتور، ويجازيك كل خير

    غدير

    ردحذف
  2. د.خالد..
    أغلب الوقت لما بحسّ اني مقصّرة -خصوصاً لو مع المؤسسة- ويطول الأمر، بدخل أقرأ في مدوّنة حضرتك قليلاً
    مش عارفة أوصف لحضرتك شعور الواحد لما بيقرأ كلام.. الكبار
    لكن عموماً، بتمنّى دايماً ان ربنا يحفظك يا دكتور، ويجازيك كل خير

    غدير

    ردحذف