السبت، 20 أكتوبر 2012

عن العمل التطوعي التنموي و الاجتماعي في مصر - الجزء الثاني: تعريف و مقدمة عن الوعي


ما هو العمل التطوعي التنموي و الاجتماعي؟
هو عمل مبني على فهم احتياجات المجتمع تنمويا و اجتماعيا و يتعاون فيه الأفراد (موظفين و متطوعين) على تلبية هذه الاحتياجات من خلال أعمال التنمية الاجتماعية و الرعاية المجتمعية بشتى السبل من رأي أو عمل أو تمويل أو كل ما سبق. و الذي نحن بصدده هنا هو الجزء الخاص بالمتطوعين الذين يمثلون الجزء الرئيسي من هذا العمل و يقومون به اختيارا دون مقابل مادي. مع العلم بأنه قد يوجد نظم تشجع على ذلك من خلال الامتيازات والحوافز والجوائز المتاحة للمتطوعين.

و الفرق بين العمل التطوعي الخيري و العمل التطوعي التنموي يمكننا أن نمثل به كالفرق بين جمعية رسالة و بين جمعية نهضة المحروسة, و كلا النوعين مطلوب و لكننا هنا نعنى بالعمل التطوعي الاجتماعي و التنموي و أحد أمثلته البارزة في مصر هي جمعية نهضة المحروسة.


كيف تطور العمل التطوعي التنموي و الاجتماعي و ما هي أهميته؟
لو رصدنا بداية العمل التطوعي  نجد أن هدفه الأساسي كان تقديم الرعاية والخدمة للمجتمع وفئاته, أما الآن فقد أصبح الهدف أكبر و أعمق بكثير و يتمثل في تغيير وتنمية المجتمع ككل. بل إن الأمر يتعدى ذلك في بعض الدول – مثل كندا – حيث تحتذي الحكومة في معالجة القضايا بما تقوم به بعض منظمات المجتمع المدني (انظر التدوينة السابقة). و لذلك فقد وصل الأمر إلى أن ذلك العمل التطوعي أصبح من الأعمدة الرئيسية في تقدم و تطورالمجتمع بالإضافة إلى أنه مقياس لمدى صحية المجتمع و رفاهيته ككل.
و يتوقف نجاح العمل التطوعي على مدى صدقه وجديّته وعلى مدى رغبة المجتمع في إحداث التغيير والتنمية. و على الصعيد الآخر فإن العمل التطوعي يغرس في المجتمع قيم الولاء و الانتماء كما يحفز و يساعد على اكتساب العديد من المهارات العملية إضافة لمهارات القيادة و ريادة الأعمال و غيرها من القدرات. و بالنسبة تحديدا لشريحة الشباب, فإن ذلك يساعدهم بشدة على تكوين الشخصية و ممارسة الحياة العملية و التي سيحتاجونها لمزيد من النجاح في تخصصاتهم الأصلية. و بطبيعة الحال فإن نجاح العمل التطوعي يعتمد و بشدة على المورد البشري في المجتمع و مدى تحمسه لقضية التنمية في حد ذاتها.

و يلاحظ أن الحكومات في الدول المتقدمة لم تعد قادرة على سد احتياجات شعوبها من الخدمات الاجتماعية و التنموية أو على استهداف كل القضايا التعليمية و الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية، فما بالنا بالدول النامية!!!


بحث علمي عن تأثير العمل التطوعي التنموي و الاجتماعي على رفاهية الأفراد:
في مقالة علمية تم نشرها عام 2001 في مجلة الصحة و السلوك الاجتماعي من قبل بعض الباحثين في ولاية تنيسي الأمريكية، تم اختبار العلاقة بين العمل التطوعي في المجتمع و بين ستة أوجه من الرفاهية الفردية و هي: السعادة – الرضا – احترام الذات – الشعور بالتحكم في الحياة – الصحة البدنية – الاكتئاب. و أقر البحث أن الأفراد الأكثر تميزا سواء من ناحية الموارد الشخصية أو الصحة البدنية و العقلية غالبا ما يكونوا أكثر بحثا من غيرهم عن أعمال تطوعية يقومون بها.
و يوضح البحث دراسة عن الأسباب الاجتماعية المؤدية لذلك, و قد أثبتت نتائج البحث أن العمل التطوعي يحسن من جميع الأوجه الستة للرفاهية الفردية. ليس هذا فقط...بل تم إثبات أيضا أن الأفراد الأكثر سعادة يستثمرون أوقات أطول في الخدمات التطوعية. كما يتضمن البحث بعض النقاط الاجتماعية و المؤسسية الأخرى (رابط البحث في جزء المراجع).

مقدمة عن الوعي بالعمل التطوعي التنموي و الاجتماعي – أسئلة تحتاج أجابة:
عماد أي عمل تطوعي هو الشباب و الذي يمثل المكون الرئيسي في الموارد البشرية, و لكن كما ذكرنا في التدوينة السابقة فإن نسبة الشباب المتطوعين في مصر لا تتعدى 2.2% من عدد الشباب الكلي. و في مجتمع فتي مثل مصر لابد أن تكون النسبة و العائد التنموي الاجتماعي أكبر من الوضع الحالي بكثير, و لكن ما السر في قلة المشاركة؟؟ ...........هنا علينا أن نطرح بعض الأسئلة الهامة:

- هل ذلك قصور في فهم المجتمع أو الدولة؟
- هل هو قلة الثقافة و الفكر عند الشباب؟
- هل هي مشكلة انتماء بالأساس؟
- هل هو قصور عند الدولة في سن القوانين المنظمة و المحفزة؟
- هل هي قلة المؤسسات التنموية؟ أو قصور في أطر العمل التطوعي؟
- هل هو ذلك التحيز الإعلامي المحصور في القضايا السياسية و الرياضية؟
- هل هو عدم الإيمان بقضية معينة؟
- هل هي قلة إدراك لظروف المجتمع؟
- هل هو عدم القدرة على الاندماج و التفاعل بين الأفراد؟
- هل هو عدم إدراك المجتمع ككل لأهمية العمل التطوعي التنموي و الاجتماعي سواء لتنمية قدرات الشباب أو للمجتمع ككل؟
- هل هناك معوقات معينة؟ (مادية – إدارية – توعوية - تدريبية)
- هل هو عدم اشتراك الشباب في صنع القرار؟

الإجابة عن هذه الأسئلة و غيرها تجدونها بإذن الله في الجزء الثالث: مقومات العمل التطوعي و التوصيات و أمثلة للعمل التطوعي

و إلى أن ألتقي بكم مجددا أترككم في رعاية الله و أمنه 

خالد الأشموني

20 أكتوبر ٢٠١٢ / 4 ذو الحجة ١٤٣٣ 



المراجع:
1. التدوينة السابقة
2. الشباب والعمل الاجتماعي والتنموي التطوعي (http://www.saaid.net/Anshatah/dole/69.htm)
3. تقرير التنمية البشرية لسنة 2010 (http://hdr.undp.org/en/reports/national/arabstates/egypt/Egypt_2010_ar.pdf)
4. رابط المقال عن علاقة الرفاهية بالعمل التطوعي: http://www.jstor.org/stable/10.2307/3090173 وخلاصة المقال يمكن قراءتها مجانا على PubMed: http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/11467248?dopt=Abstract
5. فيديو يشرح بعض الحقائق العلمية البسيطة: https://www.facebook.com/video/video.php?v=2686237076345

©  جميع الحقوق محفوظة لصاحب المدونة – و يجوز الاقتباس و استخدام المعلومات و لا يجوز بيعها أو استخدامها لأغراض تجارية


هناك تعليق واحد: