المشهد الأول (كوميديا):
اجتمعت ذات يوم
مع اثنين من أصدقائي لنتحدث عن كيفية النهوض بالعلم و المعرفة في مصر و كان نقاشا
هادفا و خاصة أننا من تخصصات مختلفة: عالم كيمياء (م), عالم حاسبات بميكروسوفت (أ), و العبد لله مهندس كهرباء.......و لكن فجأة في وسط ذلك النقاش جاء ذلك
الاقتراح:
(م): طيب يا (أ)
انت ممكن مساهمتك تكون عن طريق مساعدة الناس في "تستيب" الويندوز و حل
مشاكله, ايه رأيك؟
أنا: يا نهارك
أبيض يا (م) !!!! يعني انت كل رؤيتك لمهندسي الكمبيوتر و علمائه هي
"تستيب" الويندوز و الكلام ده؟
انتهى
المشهد الأول بهيستيريا من الضحك فقد تخيلت أنه ربما هذا الموقف يعد استثناءا و
لكن نفسي كانت تحدثني أن ذلك المشهد قد تكرر كثيرا أمام عيني.....ثم ما لبث أن حدث
لي ذلك الموقف العجيب في اليوم التالي...
المشهد الثاني (تراجيديا):
في اليوم التالي
جلست مع صديقي (أ) على مائدة العشاء و كنت أتحدث معه عن البحث الذي أقوم به, و
فجأة....
(أ): ألا صحيح
يا خالد يا اخوية, العالم كله بقى ديجيتال و انت لسه شغال في دوائر الأنالوج, ليه
عملت في نفسك كده؟
أنا: [[بعد
هيستيريا من الضحك]] كلامك صحيح و لكن طبعا العالم ده محتاج الأنالوج عشان يعرف
أصلا يرتبط مع الديجيتال....عمرك سمعت عن إشارة أو سيجنال في الطبيعة ديجيتال؟
(أ): [[حمرة
الخجل]] عندك حق
المشهد الثالث إلى الثلاثة آلاف:
أكيد كثير من
الناس حصل معهم نفس الموقف و لكن ....أكيد في مشكلة!
المشكلة:
ببساطة كثير من
الباحثين و أهل الصناعة لا يكادوا يعرفوا أي شئ سوى عن تخصصهم.....و مع ما في ذلك
التخصص من دهاليز و حواري إلا اننا لابد يكون عندنا دراية و لو بسيطة عن تخصصات
أخرى......
آثار المشكلة في بلد مثل مصر:
- لا تكاد ترى
تعاونا مشتركا بين باحثين من فرعين مختلفين في العلوم إلا القليل.
- آفاق من العلوم
و الأبحاث و الصناعة قد تضيع و يسبقنا فيها الآخرون و ذلك لأن الطفرات
العلمية التي تنهض بها الأمم لا يكاد يخلوا واحد منها من التعاون بين 3-5 تخصصات
في نفس الوقت
- عدم القدرة على
تطويع المناهج الدراسية لتواكب الطفرات العلمية و التي عادة ما تكون مبنية على
التخصصات المتعددة المتكاملة فيما بينها
تخيلات:
- كيف يمكن لعالم
المخ و الأعصاب أن يخطر بباله عمل جهاز نانوي أو مايكروني و غرسه في المخ لمعالجة
بعض أمراض الجهاز العصبي إن لم يكن على دراية (و لو قليل) بمجال مثل التصنيع
الميكروني (micromachining) و تعاونه
مع باحثين من الهندسة الكهربية أو الميكانيكية؟
- كيف يمكن
للباحثين في أقسام الهندسة المختلفة أن يوجدوا حلولا في تطبيقات لا يعرفون عن
أساسياتها أي شئ: مثل دمج هندسة الطاقة مع صناعة الحديد و الصلب - مثل دمج علوم
المواد مع فيسيولوجيا الخلايا في الجسم...إلخ
ما العمل؟
على المستوى الفردي لابد أن يبدأ الباحث و الصانع على غرس هذه الثقافة في نفسه و
في غيره حتى يكون للتعاون أثر كبير
على مستوى المجتمع المدني لابد أن توجد جمعيات علمية تهدف إلى جلب الباحثين و الصناعيين من
مختلف المجالات لتحفيز التعاون و التكامل و عمل شبكات من التواصل بينهم و تقوم
الجمعيات أيضا بعمل ندوات للطلبة يكون المتحدثون فيها من تخصصات مختلفة
على مستوى الدولة و وزارات البحث العلمي لابد أن تكون هناك تسهيلات و تشجيع للبحث إذا ما تم كشراكة بين
قسمين مختلفين. و لابد من عمل دعم مالي مخصص لمثل هذه الشراكات
_________________
الخلاصة:
لم يتأخر الوقت
بعد و لم يسبقنا قطار التقدم....فالمهم أن نضع أيدينا على المشكلة و نفكر في حلول
منطقية لها و نبدأ التنفيذ......حاول دائما أن تعرف شيئا عن تخصص مختلف....حاول
تساعد أي منظمة علمية في تحقيق مثل هذا الهدف
الثورة العلمية
القادمة في مصر لابد لها من تكاتف الأيدي و لابد أن يتأكد كل منا من أداء دوره
الفردي فيها قبل إلقاء اللوم على الدولة أو المجتمع المدني..
_____________________
انتظروا الجزء
الثاني إن شاء الله بعنوان:
الحاجة لأن تكون متعدد التخصصات: فعاليات
و كتبه
خالد الأشموني
20 أكتوبر ٢٠١٢ / 4 ذو الحجة ١٤٣٣
© جميع الحقوق محفوظة لصاحب المدونة – و يجوز الاقتباس و استخدام المعلومات و لا يجوز بيعها أو استخدامها لأغراض تجارية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق