السبت، 20 أكتوبر 2012

الحاجة لأن تكون متعدد التخصصات: مشاهدة





المشهد الأول (كوميديا):

اجتمعت ذات يوم مع اثنين من أصدقائي لنتحدث عن كيفية النهوض بالعلم و المعرفة في مصر و كان نقاشا هادفا و خاصة أننا من تخصصات مختلفة: عالم كيمياء (م), عالم حاسبات بميكروسوفت (أ), و العبد لله مهندس كهرباء.......و لكن فجأة في وسط ذلك النقاش جاء ذلك الاقتراح:

(م): طيب يا (أ) انت ممكن مساهمتك تكون عن طريق مساعدة الناس في "تستيب" الويندوز و حل مشاكله, ايه رأيك؟

أنا: يا نهارك أبيض يا (م) !!!! يعني انت كل رؤيتك لمهندسي الكمبيوتر و علمائه هي "تستيب" الويندوز و الكلام ده؟

انتهى المشهد الأول بهيستيريا من الضحك فقد تخيلت أنه ربما هذا الموقف يعد استثناءا و لكن نفسي كانت تحدثني أن ذلك المشهد قد تكرر كثيرا أمام عيني.....ثم ما لبث أن حدث لي ذلك الموقف العجيب في اليوم التالي...

المشهد الثاني (تراجيديا):

في اليوم التالي جلست مع صديقي (أ) على مائدة العشاء و كنت أتحدث معه عن البحث الذي أقوم به, و فجأة....

(أ): ألا صحيح يا خالد يا اخوية, العالم كله بقى ديجيتال و انت لسه شغال في دوائر الأنالوج, ليه عملت في نفسك كده؟

أنا: [[بعد هيستيريا من الضحك]] كلامك صحيح و لكن طبعا العالم ده محتاج الأنالوج عشان يعرف أصلا يرتبط مع الديجيتال....عمرك سمعت عن إشارة أو سيجنال في الطبيعة ديجيتال؟

(أ): [[حمرة الخجل]] عندك حق



المشهد الثالث إلى الثلاثة آلاف:

أكيد كثير من الناس حصل معهم نفس الموقف و لكن ....أكيد في مشكلة!



المشكلة:

ببساطة كثير من الباحثين و أهل الصناعة لا يكادوا يعرفوا أي شئ سوى عن تخصصهم.....و مع ما في ذلك التخصص من دهاليز و حواري إلا اننا لابد يكون عندنا دراية و لو بسيطة عن تخصصات أخرى......


آثار المشكلة في بلد مثل مصر:

- لا تكاد ترى تعاونا مشتركا بين باحثين من فرعين مختلفين في العلوم إلا القليل.

- آفاق من العلوم و الأبحاث و الصناعة قد تضيع و يسبقنا فيها الآخرون و ذلك لأن الطفرات العلمية التي تنهض بها الأمم لا يكاد يخلوا واحد منها من التعاون بين 3-5 تخصصات في نفس الوقت

- عدم القدرة على تطويع المناهج الدراسية لتواكب الطفرات العلمية و التي عادة ما تكون مبنية على التخصصات المتعددة المتكاملة فيما بينها

تخيلات:

- كيف يمكن لعالم المخ و الأعصاب أن يخطر بباله عمل جهاز نانوي أو مايكروني و غرسه في المخ لمعالجة بعض أمراض الجهاز العصبي إن لم يكن على دراية (و لو قليل) بمجال مثل التصنيع الميكروني (micromachining) و تعاونه مع باحثين من الهندسة الكهربية أو الميكانيكية؟

- كيف يمكن للباحثين في أقسام الهندسة المختلفة أن يوجدوا حلولا في تطبيقات لا يعرفون عن أساسياتها أي شئ: مثل دمج هندسة الطاقة مع صناعة الحديد و الصلب - مثل دمج علوم المواد مع فيسيولوجيا الخلايا في الجسم...إلخ


ما العمل؟

على المستوى الفردي لابد أن يبدأ الباحث و الصانع على غرس هذه الثقافة في نفسه و في غيره حتى يكون للتعاون أثر كبير

على مستوى المجتمع المدني لابد أن توجد جمعيات علمية تهدف إلى جلب الباحثين و الصناعيين من مختلف المجالات لتحفيز التعاون و التكامل و عمل شبكات من التواصل بينهم و تقوم الجمعيات أيضا بعمل ندوات للطلبة يكون المتحدثون فيها من تخصصات مختلفة

على مستوى الدولة و وزارات البحث العلمي لابد أن تكون هناك تسهيلات و تشجيع للبحث إذا ما تم كشراكة بين قسمين مختلفين. و لابد من عمل دعم مالي مخصص لمثل هذه الشراكات

_________________

الخلاصة:

لم يتأخر الوقت بعد و لم يسبقنا قطار التقدم....فالمهم أن نضع أيدينا على المشكلة و نفكر في حلول منطقية لها و نبدأ التنفيذ......حاول دائما أن تعرف شيئا عن تخصص مختلف....حاول تساعد أي منظمة علمية في تحقيق مثل هذا الهدف

الثورة العلمية القادمة في مصر لابد لها من تكاتف الأيدي و لابد أن يتأكد كل منا من أداء دوره الفردي فيها قبل إلقاء اللوم على الدولة أو المجتمع المدني..
_____________________

انتظروا الجزء الثاني إن شاء الله بعنوان:

الحاجة لأن تكون متعدد التخصصات: فعاليات



و كتبه
خالد الأشموني

20 أكتوبر ٢٠١٢ / 4 ذو الحجة ١٤٣٣ 


©  جميع الحقوق محفوظة لصاحب المدونة – و يجوز الاقتباس و استخدام المعلومات و لا يجوز بيعها أو استخدامها لأغراض تجارية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق