القيادة و دورها في تهيأة أجواء النجاح
من أهم مهمات قائد (أو قيادات) المؤسسة أن يكون واعيا متنبئا بالكوارث و الصعوبات التي قد تحدث. أما أن ينتظر الكارثة أن تحدث فهذا ليس من القيادة في شئ. القائد يجعل المنظمة جاهزة لاستقبال الرياح بخطة أو أفعال مدروسة مسبقا.يمكننا أن نطلق على هذا ابتكار أو تجديد مستمر و التي هي صفات القائد بلا شك. و الثقة المتبادلة بين القائد و الأفراد بعضهم مع بعض من أكثر ما يجعل المنظمة أكثر تحملا لأي صدمات أو مشاكل.
مشكلة النجاح
و هل يمكن أن يمثل النجاح مشكلة؟؟!! بالتأكيد, و قد حدث أن سبب النجاح انهيارا لمنظمات عديدة "أكثر من الفشل".....و المشكلة بالطبع ليست في النجاح و لكن ما يترتب عليه (في حالة عدم الوعي) من شعور بالنشوة مما يؤثر بعد ذلك على إدارة المنظمة و تبديد مصادرها أحيانا فيما لا يجدي. و لذلك لابد أن تعي قيادات المنظمة أنهم يجب أن يكبروا كلما حققوا نجاحا و لكن في نفس الوقت عليهم أن ينفتحوا للتغيير. عاجلا أم آجلا ستحدث عملية تشبع في نمو المنظمة إلا إذا كانت هناك قدرة عامة على مراقبة التغيرات المحيطة و و مواكبتها لضمان استمرارية المنظمة بعزيمة و مرونة و رؤية متميزة. و إلا فستحدث فيها حالة من التجمد.الاختيارات الصعبة
المنظمات غير الربحية قد لا يكون عندها حدود فاصلة فيعتقدون أن كل ما قد يجلب نفعا يمكن توجيه مصادر المؤسسة نحوه حتى لو لم يحقق نتائج. لكن في الواقع المنظمات الربحية تحتاج انضباطا ربما أكثر من المنظمات الربحية و لذلك عليهم مواجهة اختيارات صعبة.و بمجرد معرفة المنظمة و إدراكها بأن عليها و أمامها خيارات صعبة لابد من التصرف نحوها تتولد لديها القدرة على الابتكار. و قد تتعجب عندما تعلم أن المنظمات غير الربحية تحتاج الابتكار لضمان استمراريتها بنفس القدر الذي تحتاجه المنظمات الربحية أو حتى الحكومة. و قد تتولد الأفكار و الابتكارت من نجاحات غير متوقعة - من تغيرات سكانية أو بيئية مختلفة - من منظور مختلف - و هكذا.
استراتيجية الابتكار
و من ثم تحتاج استراتيجية للابتكار و القدرة على جلب ما هو جديد للمجتمع. ذلك لأن الابتكار في حد ذاته من الممارسات الهامة في نجاح و استمرارية أي مؤسسة و بغض النظر عن كونها ربحية أم غير ربحية.لكن من المهم أن يرتبط الابتكار بشكل أو بآخر مع التخطيط و التسويق. فلا يجب أن تنعزل مجموعة من الأفراد في المنظمة للبحث و التطوير بينما يعمل آخرون في التخطيط و آخرون في التسويق في جزر منعزلة. من المهم جدا أن يكون هناك تناغم بين المجموعات الثلاثة بحيث إذا كان هناك ابتكار ما يسهل تسويقه بغرض الاختبار و التخطيط له بناءا على المتغيرات التي يبرزها التسويق حينئذ.
المثال العكسي (و هو غير مرغوب) أن تبتكر المنظمة شيئا ثم تنهمك في التخطيط له ثم تسوق له كل على التوالي, و هذا يضيع وقتا كبيرا و يهدر فرصا ممتازة لجعل الابتكار أو الفكرة أكثر فائدة و جاذبية للمجتمع أو المستخدمين.
من المهم أيضا ألا تنسى أن: كل ما هو جديد أو مبتكر يتطلب جهدا و عملا كبيرا من ناحية المؤمنين الحقيقيين به - و المؤمنون الحقيقيون ليسوا متوفرين فقط لبعض الوقت. هناك أناس لديهم حس بالموقف و قد يقولون في قرارة أنفسهم أن هذا ليس ما عينت لأفعله أو توقعت أن أفعله و لكن بما أنه مطلوب لنجاح المنظمة تجدهم مشمرين سواعدهم لبذل أقصى جهدهم.
كيف تختار القائد
إذا كنت في لجنة لاختيار قيادات أو قيادة للمنظمة غير الربحية فما الذي ستبحث عنه؟أولا: انظر إلى ما قدمه أو فعله الشخص من قبل و ما هي مصادر أو مراكز قوته. للأسف معظم لجان الاختيار تفتش عن مواطن ضعف الشخص. لكن أول شئ يجب أن تبحث عنه هو مواطن القوة و في ماذا استخدمها الشخص.
ثانيا: لابد للمؤسسة نفسها أن تسأل هذا السؤال: ما هو تحدي اللحظة بالنسبة للمؤسسة؟......ربما يكون التمويل و جمع التبرعات, أو بناء هيكلة واضحة و أخلاقيات و مبادئ للمؤسسة, أو صياغة و تحديد الرسالة الرئيسية أو تغييرها, أو تحد آخر.
ثالثا: انظر إلى شخصيته و تكاملها. القائد يضع نموذجا لغيره و خاصة القائد القوي. لابد أن يكون ذاك الشخص الذي ينظر إليه الأفراد داخل المؤسسة (و خاصة الشباب) على أنه قدوتهم.
في الجزء الرابع بمشيئة الله نتحدث أكثر عن دورك الشخصي في القيادة. و كيف أنه قبل أن تقبل بدور القائد في المؤسسة لابد أن تتأكد أنه مناسب لك شخصيا و للمهمة المطلوبة و كذلك للتوقعات. و تأكد أنك يمكنك تعلم القيادة كمهارة و ليس بالضرورة أن تولد بها.
و الله المستعان و نسأله أن ينفع بهذه السلسلة و بغيرها.
و كتبه
20نوفمبر ٢٠١٢ / 6 محرم ١٤٣4
© جميع الحقوق محفوظة لصاحب المدونة – و يجوز الاقتباس و استخدام المعلومات و لا يجوز بيعها أو استخدامها لأغراض تجارية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق