كان أسلوب
شوكلي – مخترع الترانزيستور – في الإدارة سيئا لدرجة أن الثمانية من شباب العلماء
و المهندسين طلبوا من الإدارة الرئيسية أن يتم استبدال شوكلي بشخص آخر. و عندما
رفض طلبهم رأوا أنه لا مفر من مغادرة المكان .... و اعتبر شوكلي أن مغادرتهم خيانة
له. و تم تلقيبهم بالغادرون الثمانية.
لم يخطر ببال
أحد مطلقا أن يتسبب هؤلاء الثمانية خلال عشرين عاما في إنشاء خمس و ستين شركة. في
الجزء القادم نحكي قصة أول شركة في الوادي .. أما الآن فتعالوا نتعرف سويا على الغادرون
الثمانية المؤسسين لوادي السيليكون...:
1) جاي لاست (Jay Last):
حصل على
البكالوريوس في الضوئيات من جامعة روشيستر ثم الدكتوراة في الفيزياء من MIT. عمل في فيرشيلد مع زملائه السبعة عام 1957 كرئيس لقسم التطوير
للدوائر المدمجة. و في عام 1961 غادر هو و اثنين من زملائه (جين و شيلدون) لتأسيس
شركة منفصلة (Amelco Corporation) و عمل كرئيس للبحث و التطوير ثم
تم شراء الشركة من شركة تيليداين (Teledyne
Technologies) و عمل فيها لاست
لثمانية أعوام أخرى. ثم حول لاست مجاله للفنون و الآثار و ألف العديد من الكتب في
ذلك.
2) شيلدون
روبرتس (Sheldon Roberts):
حصل على
بكالوريوس هندسة التعدين من معهد رنسلير بوليتيكنيك ثم الماجستير و الدكتوراة من MIT و عمل في معمل أبحاث البحرية الأمريكية و في شركة داو للكيماويات
(Dow Chemical). بعد عمله في فيرشايلد انضم لجاي لاست و جين هويرني في تأسيس (Amelco Corporation) ثم في أوائل السبعينيات صار رئيسا لشركة تايم لابس (Timelapse)
3) جين هويرني
(Jean Hoerni):
ربما لا تسمع
اسمه كثيرا لكنه الرجل الذي طور عملية (planar
process) لتصنيع الوائر
المدمجة. ولد في سويسرا و حصل على شهادتي دكتوراة: الأولى من جامعة كامبريدج و
الأخرى من جامعة جينيف. ثم رحل للعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا و انضم
لمجموعة شوكلي بعدها. و في فيرشيلد مع زملائه السبعة قام جين بتطوير عملية التصنيع
و التي سمحت للترانزيستور يأن يصنع من السيليكون لأول مرة بدلا من الجيرمانيوم. ثم
رحل مع زميليه السابقين لعمل شركة أخرى. و في 1964 أسس Union Carbide Elecronics ثم Intersil
4) جوليس
بلانك (Julius Blank):
بالرغم من أنه
لم يحظى بحظ الآخرين من الشهرة إلا أن جوليس هو من وضع نموذجا لريادة الأعمال في
القرن العشرين في وادي السيليكون حيث لا توجد ألقاب في العمل و العلاقات منفتحة
داخل مكان العمل كما طبق ذلك في فيرشايلد. كما أنه أسس في فيرشايلد ورشة الآلات و
التجميع ثم أنشأ واحدة أخرى في هونج كونج حين بدأت أعداد الطلبات تزيد. ثم ترك فيرشايلد
في 1969 ليعمل كمستشارا. و شارك في تأسيس شركة Xicor في 1978 و التي تم
بيعها لشركة إنتيرسيل في 2004 مقابل حوالي نصف بليون دولار.
5) فيكتور
جرينيتش (Victor Grinich):
شارك في الحرب
العالمية الثانية في البحرية الأمريكية ثم حصل على البكالوريوس من جامعة واشنطن و
الماجستير و الدكتوراة من ستانفورد عام 1953. و كان فيكتور هو الوحيد المتخصص في
الهندسة الكهربية (باقي الثمانية كانوا فيزيائيين و رياضيين و تعدين) و قام في
فيرشايلد بتأسيس قسم معامل الاختبار و الأجهزة المسئولة عن توصيف ما يتم عمله من
أجهزة دقيقة. و نما هذا القسم حتى صار كأنه شركة منفصلة. ثم ترك فيكتور الشركة عام
1968 ليعمل مدرسا في بيركلي و في نفس الوقت كان يقوم بدراسة علوم الحاسب . ثم
انتقل بعدها ليعمل في جامعة ستانفورد و ألف كتابا في الدوائر المتكاملة. عام 1978
عين رئيس لأحد الشركات التي تعمل في التعرف عبر موجات الراديو. ثم في 1985 أسس
شركة جديدة في نفس التخصص و أسس أخرى في 1993 قامت شركت سينوبسيس (Synopsys) الشهيرة بشرائها لاحقا.
6) يوجين
كلاينر (Eugene Kleiner):
حصل على
بكالوريوس الهندسة الميكانيكية من نيويورك ثم الماجستير في الهندسة الصناعية من
جامعة نيويورك. يوجين هو من قاد مجموعة الثمانية ليحصلوا على الدعم المادي من
شيرمان شايلد (كما سنذكر فيما بعد) و تولى المهام الإدارية لفيرشايلد. و في 1968
استثمر أمواله في إنتل التي أسسها نويس و موور. و في 1972 اشترك مع شخص آخر (توم
بيركينز) في تأسيس شركة رأس مال مخاطر (venture
capital firm) و سموها كلاينر
بيركنز و هي من أكبر الشركات الاستثمارية في وادي السيليكون حيث دعمت كبرى الشركات
العالمية مثل أمازون و AOL و جوجل و نيتسكيب و سان و تاندم و
غيرهم.
يوجين لديه
العديد من القوانين و الحكم في إدارة المواقف و الناس أنصح القارئ بالاطلاع عليها
لن أدخل في
تفاصيل كثيرة هنا عن الاثنين الباقيين لأن في الأجزاء القادمة سنعرف قصة إنتل
كاملة .... سنتعرف على كيف يندمج العلم مع الإبداع مع القيادة و فنون التسويق
ليأسسوا كيانا عظيما ... و إليك مختصر بسيط عنهما
7) روبرت نويس
(Robert Noyce):
يلقبه البعض
بعمدة وادي السيليكون و هو المؤسس الأول لإنتل و معه جوردون موور. روبرت شخصية
رائعة ذكية تعشق المغامرة و عمل الأشياء الجديدة. حصل على البكالوريوس في الفيزياء
و الرياضيات ثم حصل على الدكتوراة في الفيزياء من MIT عام 1953. روبرت كان
بمثابة العقل و الرؤية لشركة فيرشايلد حيث يقول شيرمان فيرشايلد "الممول"
أنه عندما عرض روبرت رؤيته أعجب بها و كانت لها التأثيرعلى موافقته على تمويلهم.
ثم أسس إنتل و
كان السبب الرئيسي لنجاحها على حد تعبير آرثر روك (انظر الجزء الأول) لأنه ذو رؤية
و قدرة على التحفيز و القيادة.
طريقة روبرت مع
العاملين معه كان لها أثر كبير على عدة شركات في وادي السيليكون حيث كان يتعامل
بمنطق العائلة و إنكار الذات و عدم التكلف إضافة للتشجيع و المكافأة لهم.
لنا مع روبرت
وقفات كثيرة ... فهو أكبر من أن نمر علي سيرته بهذه السرعة.
8) جوردون
موور (Gordon Moore):
ربما يكون
موور هو الأكثر شهرة بين الثمانية كما أن الكثيرين يعرفون قانون موور للدوائر
المتكاملة. لنا معه أيضا وقفات كثيرة لكن ربما نذكر بعض التعريف البسيط عنه.
حصل على
بكالويوس الكيمياء من بيركلي و الدكتوراة في الكيمياة من معهد كاليفورنيا
للتكنولوجيا عام 1954. كما عمل بعض الأبحاث ما بعد الدكتوراة في معمل الفيزياء
التطبيقية في جامعة جونزهوبكنز بميريلاند. أسس مع روبرت نويس شركة انتل و كان نائب
الرئيس التنفيذي حتى 1975 ثم صار الرئيس في 1975 و في 1979 رأس مجلس الإدارة و كان
المدير التنفيذي للشركة ثم صار منصبه فخريا بداية من 1997.
من أروع
التبرعات التي تمت في التاريخ الحديث لمؤسسة علمية هي ما قام به موور و زوجته حيث
تبرعا بمبلغ 600 مليون دولار لمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في 2001 ثم 200 مليون
دولار في 2007 لعمل أكبر تليسكوب ضوئي في العالم.
تعرفنا للتو
على ثمانية أشخاص و مؤهلاتهم و كفاحهم و قد أدى تفاهمهم كفريق و رحلتهم في التعاون
إلى أول شركة ناجحة في وادي السيليكون: فيرشايلد سيميكوندكتورز Fairchild Semiconductors. و السؤال: هل هي مصادفة؟ أم كفاح مجموعة؟ أم بيئة شجعتهم؟
نجيب في
المرات القادمة بإذن الله ... و لكن قبل ذلك أود أن ألفت انتباهكم:
تغيير المجال
شئ طبيعي طالما قررت أنه بغض النظر عن موقعك فإنك ستعمل الشئ المناسب و بالشكل
المناسب ... اتبع دائما عاطفتك للمجال و حبك للابتكار فيه ... حتما هناك بداية
النجاح!
ابقوا معنا و
اكتبوا تعليقاتكم على ما قرأتموه